لا لتعدد الزوجات …لا للزواج المبكر

تحت هذا الشعار وبحضور كثيفاغلبيته من النساء الناشطات في حقل حقوق المرأة ومساواتها ، انعقد اليومالدراسي بهذا الشأن ، وذلك في كلية القاسمي الاكاديمية يوم الخميس الموافقل-10-10 .
جاءت المبادرة من جمعية نساء وأفاق والتي تُعنى بتحسين أوضاعالنساء في مجال قانون الاحوال الشخصية والذي لم يتغير منذ نهاية الحكمالعثماني .
وهذا الواقع الصعب للنساء العربيات في اسرائيل ، في قوانينالاحوال الشخصية ، يُعتبر الأصعب من بين دول اسلامية كثيرة . وخاصة فيالمحيط القريب ، كالسلطة الفلسطينية والاردن على سبيل المثال .
لا شكبأن مبادرة كهذه ، وطرح المواضيع المُؤلمة للنساء على بساط البحث الجماهيري، يُعتبر حدثا غير مسبوق في حياة الاقلية العربية الفلسطينية في اسرائيل .
ولكي .. يكون اليوم الدراسي ، يوما دراسيا بالفعل فقد توجهت جمعية نساء وافاقالى كادر اكاديمي لبحث الاضرار التي تتعرض لها شريحة النساء العربياتاللاتي تزوجن قبل بلوغهن سن ال- 18 على الاقل . ومن بين المواضيع التي تمبحثها ، الاضرار النفسية ، الاضرار الاقتصادية والاضرار الاجتماعية ، كماوتم استعراض الوضع القانوني للنساء في قضايا الاحوال الشخصية . وكانت مديرةالجمعية نايفة سريسي قد قدمت مداخلة قصيرة وافتتحت اليوم الدراسي ، فيماقامت المحامية رلى مصالحة بعرافة هذا اليوم . الذي وفي نهايته قدم مشاركونفيه بعض المداخلات بما في ذلك مداخلة من رجل دين اسلامي .
قدم طاقمالباحثين كل واختصاصه النتائج التي توصل اليها في المجال الذي بحثه . وقدكُنت من بين طاقم الباحثين واجريت بمعية أخرين بحثا حول الأضرار النفسية .وسأُقدم موجزا عن البحث ونتائجه ، على أمل أن اتطرق في مقال قادم لبقيةالابحاث والتي كانت قيمة ، جريئة وشدت انتباه الحضور ،لأنها السباقة في بحثهذه الظاهرة .
الاثار النفسية السلبية لدى المرأة في اعقاب الطلاق ، الزواج بثانية و الزواج المبكر .
تعتبر الادبيات العلمية الطلاق ، كحدث صادم ، بمعناه الباثولوجي ، وهو كأي حالة فقدان أخرى شبيهة.
ومواجهة الحدث الصادم صعبة وتدوم وقتا طويلا ، وتظهر فيه كل عوارض ما بعد الصدمة النفسية .
وقددرسنا في هذا البحث تأثير الطلاق أو الزواج بثانية والزواج المبكر علىالمرأة من الناحية النفسية ، مستعينين باستبيان عن قوة الالم النفسي .والاستبيانمركب من مجموعة من الاقوال والتي تصف شعورا غير لطيف ، ويُطلبمن السيدة الاجابة وفق تدريج للعلامات (من 1 والذي يعني لا اتفق مع المقولة، وحتى العلامة5 والتي تعني اتفق بشدة مع المقولة ) . وعدد المقولات فيالاستبيان يبلغ 44 مقولة .
أجابت على الاستجواب 50 سيدةعربية تعاني مناحدى المشاكل (الطلاق ، الزواج بأخرى او الزواج المبكر ) من مناطق مختلفةفي البلاد “من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب ” .
قمنا بمقارنة النتائج معبحث جرى قبل سنة تقريبا ، ، وكانت عينة البحث مكونة من طلاب وطالبات فيالكلية والذين عايشوا فقدان أحد أعزاءهم نتيجة الموت ، وما هي شدة الالمالنفسي لديهم . وقد تم قياس شدة الالم النفسي بنفس الاستبيان .
أنشدةالالم النفسي في اوساط النساء المطلقات والمتروكات “المعلقات “وكذاالنساء اللواتي تم تزويجهن بزواج مبكر ، كانت قوة الالم النفسي تُقارب ال- 4.5 من الحد الاقصى والذي هو 5 . والتي تُعتبر قوة الم نفسي عالية جدا ،حتى مقارنة بقوة الالم النفسي التي احسها طلاب وطالبات الكلية والتي بلغتفي حدها الاقصى 3.26 والتي تُعتبر متوسطة عالية .
ويمكن تفسير الامر بأنالفقدان ونتيجة الموت هو فقدان نهائي ، بينما الفقدان نتيجة الطلاق أوالزواج المبكر هو فقدان مستدام ومستمر ، هو فقدان “لجزء من الذات ” !!
وفيتحليل اجابات النساء على الاسئلة المفتوحة في نهاية الاستبيان يتضح بأنالفقدان هو فقدان “الكرامة ” الانسانية وفقدان الفرصة لتحقيق الذات . تقولسيدة “تزوجت زواج مبكر ولا يوجد لدي مهنة …أُعاني من الوحدة والفقروالتعرض للمضايقات الاجتماعية .أعمل في تنظيف البيوت لأستطيعتربيةالاولاد …. يجب أن تتعلم الفتاة وتكتسب مهنة ..أنا ضد الزواج المبكر ” .
وبينماتتحدث سيدة أخرى :”زوجي تركني وتزوج أخرى وانتقل الى مدينة اخرى ..أربيبناتي الخمسة لوحدي … انا معلقة لا متزوجة لا مطلقة …بناتي يُعرفنانفسهن يتيمات .. الحالة المادية صعبة …اشعر بالقهر والظلم الشديد ” .
هناكاطباع سائد بأن السكان العرب في الجنوب او المجتمع البدوي ، تسوده ثقافةتعدد الزوجات والزواج المبكر ، وأن الامر في مجمله مقبول اجتماعيا ..وتتقبله النساء كشيء مفروغ منه ، لكن الحقيقة شيء أخر ، بحيث كان انطباع منأجرت المقابلة معها ، بأن السيدة منهارة نفسيا ،ولدى سؤالها عن تفسيرهالما فعله زوجها ، كانت اجابتها من كلمة واحدة : “حقارة ” .
وكما هومعلوم علميا فأن ردة الفعل للفقدان تكونفترة حداد (نفسي ) لها مراحلهاالواضحة ، تبدأ بعدها ” مرحلة النمو” من جديد . الا أن ما لاحظناه لدىالنساء بأن فترة الحداد تحولت الى فترة حداد مستدامة الأمر الذي يُعيقعملية النمو من جديد . وحسب ما قالته النساء ، بأن عالمهن قد انهار ومنالصعب اعادة بنائه من جديد .
الوضع الذي وجدن انفسهن به يتطلب تربيةالاولاد والعمل من اجل المعيشة ، وهذا أمر لم يتم تأهيلهن له لأنهن لميتعلمن أو يكتسبن مهنة .
ان مواجهة صعوبات الحياة اليومية تساهم في تعظيم الفقدان وتُعيق عملية النمو من جديد في اعقاب الحدث الصادم .
مع العلم بأن الأبحاث التي يُجريها الباحثون في الغرب المتطور لم تتطرقلظاهرة تعدد الزوجات ، لندرتها ربما ولأنها ممنوعة قانونا . أما قضيةالأمومة المبكرة وليس الزواج المبكر فهي قضية تشغل بال الباحثين في العالمالاول ، لشيوعها ومخاطرها .
وأنا أقترح بأن نُطلق مصطلح الطلاق المُقنع على حالات تعدد الزوجات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق